كيف استطاع ترامب كسب ثقة الأمريكيين مجددًا؟ دور الاقتصاد في الحسم الانتخابي

0 تعليق ارسل طباعة

في فوز غير متوقع للكثيرين، عاد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية جديدة، محدثًا زلزالًا في الساحة السياسية الأمريكية. هذا الفوز، الذي أتى بعد سنوات من التحديات القضائية والتشكيك الشعبي، يطرح تساؤلات حول أسباب هذا القرار الشعبي. ويشير تقرير التليجراف البريطانية إلى أن عوامل اقتصادية واجتماعية هي التي دفعت الأمريكيين إلى إعادة ترامب للرئاسة، في وقت يعاني فيه المواطنون من أزمات التضخم وتراجع ثقتهم في أداء الحكومة الديمقراطية.

ترامب ليس "مجنونًا" بنظر الأمريكيين

بدأت صحيفة التليجراف تقريرها بسؤال جوهري: "كيف استطاع ترامب، رغم تهمه القضائية واتهامات عديدة، الفوز بولاية ثانية؟" وتُفسر الصحيفة أن ترامب بالنسبة للكثير من الأمريكيين ليس مجنونًا كما يُصور، بل هو قائد يؤمنون بقدرته على تحقيق الاستقرار الاقتصادي. فالأزمة الاقتصادية في عهد الرئيس جو بايدن أثرت بشكل كبير على حياة الأمريكيين، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير، فقد أصبح سعر الدجاجة المجمدة 20 دولارًا، بعد أن كان بين 10 و11 دولارًا قبل عامين فقط، ما جعل المواطنين يستعيدون ذكريات الاستقرار المالي في عهد ترامب.

الأزمات الاقتصادية تتصدر أولويات الناخبين

توضح استطلاعات الرأي أن الناخب الأمريكي وضع على رأس أولوياته قضايا ثلاث في هذه الانتخابات، هي: الاقتصاد، الديمقراطية، والإجهاض. ورغم أن قضيتي الديمقراطية والإجهاض كانت نقاط قوة لهاريس، إلا أن قضية الاقتصاد كانت السلاح الأقوى بيد ترامب. يتذكر الناخبون كيف كانت البطالة في أدنى مستوياتها تاريخيًا قبل وباء كورونا، وكيف شهدت الأسواق المالية انتعاشًا ملحوظًا خلال رئاسة ترامب.

وفي ظل حكومة بايدن، عانى الأمريكيون من معدلات تضخم غير مسبوقة، فضلاً عن ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية. هذه الأوضاع زادت من نفور الناخبين عن الحزب الديمقراطي، ودفعهم إلى اختيار ترامب الذي وعدهم بإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح.

الأزمات الخارجية وزيادة الضغط على الديمقراطيين

ولم تقتصر أزمة إدارة بايدن على الأمور الاقتصادية فقط، بل شملت سياساته الخارجية التي اعتبرها كثيرون غير فعالة. فقد أخفق الديمقراطيون في تحقيق نتائج ملموسة في ملفات السلام بالشرق الأوسط، وانتهى بهم المطاف إلى انسحاب مثير للجدل من أفغانستان، مما جعلهم عرضة لانتقادات واسعة. وتحت إدارة بايدن، لم تتمكن الولايات المتحدة من كبح جماح الصراع في أوكرانيا، وهو ما أثار استياء العديد من الأمريكيين الذين رأوا أن الديمقراطيين غير قادرين على إدارة الشؤون الدولية بكفاءة.
 

تحديات داخلية وخارجية تقوي موقف ترامب

تبيّن التليجراف أن التحديات الاقتصادية والسياسية كانت محورية في مساعدة ترامب على العودة، حيث إن كثيرين من الأمريكيين فقدوا ثقتهم في قدرة الديمقراطيين على تحقيق التغيير المطلوب. وبينما كانت كامالا هاريس، المرشحة التي خلفت بايدن، تتمتع بدعم قوي داخل حزبها، إلا أن فشلها في طرح أجندة واضحة وبرامج إصلاحية ملموسة ساهم في تعزيز حالة عدم الرضا.

وتقول الصحيفة إن هاريس حاولت تقديم نفسها كمرشحة تسعى لاستعادة الاستقرار وإعادة "الهدوء" للمجتمع الأمريكي، لكن جمهور الناخبين لم يرَ في هذه الوعود حلاً فعليًا للأزمات المعيشية التي يواجهونها، فالأمريكيون كانوا يبحثون عن حلول عملية لتقليل التضخم، وخفض أسعار السلع، وتحقيق الاستقرار الوظيفي.

الظروف المثالية لفوز ترامب

تعتقد التليجراف أن تراجع شعبية الديمقراطيين في الداخل والخارج، إضافة إلى انسحاب بايدن قبل أسابيع من موعد الانتخابات، كلها عوامل هيأت الظروف لفوز ترامب. وبحسب التقرير، فإن انسحاب بايدن كان مفاجأة كبيرة وترك الساحة مفتوحة لهاريس، لكنها لم تكن قادرة على منافسة ترامب على الأرضية الاقتصادية، وهي القضية التي يعتبرها الأمريكيون مفتاح الانتعاش والاستقرار.

مستقبل ترامب وتحديات الولاية الثانية

وفيما يواصل ترامب احتفاله بفوزه، ينتظر الأمريكيون ما سيقدمه في فترة ولايته الجديدة. فرغم وعوده بإعادة الاقتصاد إلى مساره الصحيح، إلا أن المشهد السياسي الداخلي والخارجي يبدو معقدًا. ويواجه ترامب عدة تحديات رئيسية، من بينها معالجة آثار التضخم، وإعادة بناء الثقة مع حلفاء الولايات المتحدة، بالإضافة إلى تحسين العلاقات مع بعض الدول التي شهدت توترًا خلال فترة حكم بايدن.

وتختتم الصحيفة تحليلها بالإشارة إلى أن فوز ترامب في هذه الانتخابات لا يمثل عودةً عادية إلى البيت الأبيض، بل يمثل تغيرًا جذريًا في خيارات الأمريكيين، الذين سئموا من الأزمات المتتالية وتطلعاتهم إلى عودة زمن الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق