عودة ترامب للرئاسة تعزز التحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة

0 تعليق ارسل طباعة

لم يفوت المرشح الجمهوري دونالد ترامب فرصة العودة إلى البيت الأبيض رئيسا مرة أخرى للولايات المتحدة الأمريكية، بعدما ألحق الهزيمة بمرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، التي كانت تمني النفس بتنصيب نفسها أول رئيسة لبلاد العم سام.

وجاء انتصار ترامب موافقا للتوقعات التي سادت الأوساط السياسية والأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم، حيث يتوقع أن تلقي عودة الرئيس الأمريكي السابق إلى البيت الأبيض بظلالها على الساحة الدولية التي تعرف حالة من الفوضى والصراعات المربكة للعالم.

ويبدو أن وصول الرئيس الأمريكي الجديد إلى الحكم جاء متناغما وموافقا وهوى ورغبة الرباط، خاصة وأن ترامب كان موقع الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على الصحراء، الذي شكل نقطة تحول كبير في مسار الملف وأطلق دينامية جديدة مازالت تداعياتها مستمرة إلى اليوم.

علاقات ثابتة

في قراءته للموضوع، يرى محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة عبد المالك السعدي، أن العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، “غير مرتبطة بالتناوب على السلطة بين الديمقراطيين والجمهوريين”، مؤكدا أن ثبات هذه العلاقات يعود إلى “أمور أخرى”.

وقال بوخبزة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن بناء التحالف مع المغرب “لم يأتِ من خلال موقف هذا الرئيس أو ذاك، بل جاء بعد مسار طويل من العلاقات الثنائية التي أفضت إلى أن يكون المغرب حليفا للولايات المتحدة الأمريكية”.

وشدد على أن الأمريكيين “لن يغيروا موقفهم من قضية الصحراء”، بحكم أن ترامب هو الذي قرر الاعتراف بمغربية الصحراء، كما أن الإدارة الديمقراطية بعده لم تتخل عن القرار”، معتبرا أن الثبات على هذا الموقف راجع إلى أن المغرب يقود “علاقات متوازنة مع الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وهناك اشتغال دائم مكن الرباط من نسج علاقات قوية مع النخب الديمقراطية والجمهورية”.

وأوضح الخبير في العلاقات الدولية أن هذه العلاقات تظهر من خلال طبيعة “الزيارات التي يقوم بها القياديون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي للمغرب بين الفينة والأخرى”، مبرزا أن استمرارية هذه العلاقات محكومة بأمور متعددة.

كما اعتبر بوخبزة أن المغرب ليس بالضرورة شريكا اقتصاديا للولايات المتحدة الأمريكية لكي يحظى بالحظوة والاهتمام، بل إن له “إمكانيات أخرى تحتاج إليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويظهر ذلك من خلال بعض الأمور، خاصة التداريب العسكرية المرتبطة بالأسد الإفريقي، التي تعتبر أكبر مناورات يقوم بها الجيش الأمريكي في المنطقة، وهذا دليل على طبيعة هذه العلاقة”، مشددا على أن هذه المناورات تتم بشكل دوري “دون انقطاع أو تأثر بمن يشغل البيت الأبيض، وهي راسخة لدى الحزبين، وبالتالي لا نخشى على العلاقات المغربية الأمريكية بعد عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة”، حسب تعبيره.

تعزيز التحالف الاستراتيجي

من جهته، ذكر محمد شقير، محلل السياسي، أن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء كان في نهاية عهد الرئيس ترامب من خلال إبرام اتفاقية أبراهام، التي كان من تداعياتها تبني خريطة المغرب بأكملها، بالإضافة إلى الوعد بفتح قنصلية أمريكية بالداخلة والتشجيع على الاستثمار في الأقاليم الجنوبية.

وأضاف شقير، في قراءته لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، أنه “على الرغم من أن إدارة بايدن لم تول اهتماما كبيرا لتفعيل هذه البنود خلال ولايتها، وإن حافظت على الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء”، فإن المنتظر أن تشكل الولاية الثانية للرئيس ترامب “فرصة لتسريع ما بدأه، وذلك من خلال فتح القنصلية الأمريكية بالداخلة، خاصة إذا ما استبقت فرنسا ذلك وقامت بفتح قنصلية بالعيون، كما وعد وزير الخارجية الفرنسي، خلال الزيارة التي سيقوم بها السفير الفرنسي إلى الأقاليم الصحراوية في الأسابيع المقبلة”.

وتوقع المتحدث لهسبريس أن يتقوى التحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة “ليس فقط من خلال تطبيق الشراكة العسكرية الممتدة إلى سنة 2030 وتنظيم مناورات الأسد الإفريقي سنويا بالمغرب، بل أيضا من أجل مواجهة التهديدات الإرهابية واحتواء عدم الاستقرار الذي تعرفه دول الساحل، خاصة بعد تراجع النفوذ الفرنسي بهذه المنطقة”.

وأشار المحلل السياسي ذاته إلى أن الولايات المتحدة من أجل تقوية نفوذها لمواجهة التمدد الروسي في الساحل، يمكن أن تعتمد على المغرب كـ”قوة إقليمية مستقرة، نظرا لما يتوفر عليه من علاقات سياسية وعسكرية وأمنية مع مجموعة من الأنظمة التي تولت الحكم في دول هذه المنطقة”.

وأضاف شقير أن مبادرة الأطلسي التي أطلقها المغرب قد تشكل “عاملا أساسيا للدفع بحكومة ترامب إلى التعاون مع المغرب في هذا المجال، خاصة على الصعيد الاقتصادي، وذلك من خلال حث الاستثمارات الأمريكية على إنجاز مشاريع مهمة في الأقاليم الجنوبية، خاصة بعد الانتهاء من بناء ميناء الداخلة الذي ليس فقط سيشكل منفذا بحريا لصادرات هذه الدول، بل قد يسهل عملية تنفيذ ما سبق أن وعدت به إدارة ترامب حول تخصيص ما سمي مشروع ازدهار لتسهيل خلق مشاريع تنموية في المنطقة الأفريقية، خصوصا دول الساحل، كآلية من آليات ضمان الاستقرار السياسي في هذه المنطقة”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق