ترامب يعود للبيت الأبيض مجددا, بعد فوزه بالانتخابات الأمريكية في منافسة صعبة للغاية, وسراع اشتد في أيامه الأخيرة, مع المرشحة الديمقراطية كاملا هاريس, نائبة بايدن, لكن دونالد ترامب حسمها في النهاية بـ295 صوتا مقابل 226 ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة الأمريكية.
المنافسة الشرسة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لم يمنع الديمقراطية هاريس من تهنئة ترامب, ولم يمنع أيضا بايدن من الأمر نفسه, كما وعدا بالانتقال السلمي للسلطة.
رغم الديمقراطية التي تعيشها أمريكا في التداول السلمي والانتخابي للسلطة, والتي ما إن تتجدد إلا ويتجدد معها انبهار العالم من حيث الفعالية والشفافية, لكن السياسات الخارجية الأمريكية لا تحظى بتلك الثقة نفسها في العالم, حيث تكون دائما طرفا في كل صراع حادث يشهده العالم, أو حليفا مؤثرا في مجريات الصراعات.
فما يشهده العالم من أزمات اقتصادية وجيوسياسية, أثار الكثير من المخاوف بعد فوز ترامب, الذي يعرف بسياساته الأكثر اندفاعا وشراسة, عن بايدن نفسه الذي لم يسلم من السقوط في هاوية الصراعات القائمة, في منطقتي الشرق الأوسط, وشرق أوروبا.
العلاقات الدبلوماسية بالصين وروسيا
تشكل شخصية ترامب وسياساته السابقة قلقا كبيرًا, خاصة على الساحة السياسية والدبلوماسية, فالعلاقة بروسيا والصين, دخلت مع أمريكا مرحلة جديدة, غير التي كانت عليها في السابق.. فرغم تصريحات فلاديمير بوتين التي اعتبرت نجاح ترامب يعطي أملا كبيرا في حل الكثير من المشاكل في شرق أوروبا, إلا أن البعض اعتبرها مجرد مداعبات سياسية لا تزيد عنها.
وهذا ما أشار إليه المتحدث باسم الكرملين "دميتري بيسكوف" أن الولايات المتحدة قادرة على انهاء الصراع الكائن, لكنها لا تريد ذلك, وأن تصريحات ترامب عن حل الأزمة الروسية الأوكرانية مجرد دعاية انتخابية, لا يمكن تصديقها إلا إذا وجدت على الواقع بعد تنصيبه في يناير المقبل.
فما يعرف بقمة " بريكس" التي جرت في أكتوبر الماضي بقازان الروسية, والتي كانت أهم قراراتها إيجاد عملة تجارية بديلة للدولار, والتي دعت أيضا إلى إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا, والشرق الأوسط, والتي رحب بايدن بقراراتها التي اتخذت حيز التنفيذ .. فهل تقبل سياسات ترامب هذا؟ خاصة وأن موسكو الآن تفتح آفاقا جديدة في سياساتها الخارجية.
وفي سياق آخر فإن الصين لا تعتبر فوز ترامب أو خساراته أمرا مقلقا بل هو شأن داخلي لن يغير شيء في الواقع.
وصرح ترامب في حملته الانتخابية أنه سيقدم تسهيلات ضريبية وجمركية على المنتجات المحلية, بينما تزيد القيمة الجمركية على المنتجات الأجنبية وعلى رأسها الصين لـ60%.
يذكر أن ترامب في فترته الرئاسية الأولى بالتحديد 2019 وضع قيودا تجارية على شركة " هواوي" من أجل إعاقة التقدم التكنولوجي لبكين في الولايات المتحدة.
إسرائيل والشرق الأوسط
إن سياسات بايدن والديمقراطيين في الحرب القائمة في الشرق الأوسط مؤخرا, وخاصة في حرب غزة, جعلت الكثير من المسلمين والعرب لا يختارون هاريس في الانتخابات, وبعض تصريحات ترامب الأخيرة نالته بعض التعاطف من الأقلية المسلمة التي حظى بأصوات الأغلبية منهم, وإن كان الواقع لا يمكن أن يقول هذا.. فما يحدث في فلسطين ما هو إلا تنفيذا لسياسة ترامب بما يسمى صفقة القرن ونقل السفارة الأمريكية للقدس خير دليل.
إقالة جالنت وقبلها جانتس من الحكومة وهما الأقرب للديمقراطيين في الحكومة الإسرائيلية, وتعيين " يسرائيل كاتس" اليميني المتطرف وزيرا للدفاع بالتزامن مع فوز ترامب, يعني أن نتنياهو يفك ارتباطه بالديمقراطيين, ليبدأ مرحلة توافقية مع صعود اليمين في أمريكا إلى كرسي البيت الأبيض متمثلا في ترامب.
وهذا ما أكدته ديبرا شوشان، مديرة السياسات في حركة جي ستريت في مقال لها في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، حذرت من أن ترامب لم يتعهد برسم خطوط حمراء بشأن الحرب على قطاع غزة، ولم يُظهر اهتماما كبيرا بالأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وأنه ليس من الواضح إذا ما كان سيختار أو سيكون قادرا على تنسيق دفاع متعدد الجنسيات عن إسرائيل، مثلما فعل بايدن عندما هاجمتها إيران في أبريل 2024.
ونوّهت إلى أن فانس وصف المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة بأنها "غبية"، مشيرة إلى أن هناك احتمالا ضئيلا في أن يقدم ترامب مساعدات خاصة دفع المبالغ اللازمة للمساهمة في إعادة إعمار القطاع نظرا إلى سجله في معاقبة الفلسطينيين بقطع الإغاثات الإنسانية عنهم.
وفي نفس السياق قال السفير الأمريكي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان في مقابلة مع القناة الـ12 الإسرائيلية أن ترامب يؤيد "انتصارا سريعا وحاسما لإسرائيل.. ويعتقد أن الحرب يجب أن تنتهي عندما تنتصر تل أبيب، وليس قبل ذلك".
ومن جانبه قال القيادي في حركة حماس سامي أبو زهري، إن فوز المرشح الجمهوري بالانتخابات الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بالمنصب "يجعله أمام اختبار لترجمة تصريحاته بأنه يستطيع وقف الحرب خلال ساعات".
وأضاف أبو زهري أن خسارة الحزب الديمقراطي هو الثمن الطبيعي لمواقف قيادتهم الإجرامية تجاه غزة"، ودعا ترامب إلى "الاستفادة من أخطاء" الرئيس جو بايدن.
0 تعليق