قالت السياسية الكرواتية سويكا دوبرافكا، المرشحة لمنصب المفوض الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، خلال جلسة مناقشة ترشيحها أمام أعضاء البرلمان الأوروبي، جوابا على سؤال للنواب حول خططها لتقوية موقع الاتحاد الأوروبي في جواره الجنوبي، إنها تستهدف توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة مع كل من المملكتين المغربية والأردنية، تهم ملف الهجرة وتعزيز العلاقات التجارية، مشيرة في الوقت ذاته إلى وجود مفاوضات جارية مع هذه الأخيرة.
وأكدت سويكا أهمية منطقة البحر الأبيض المتوسط بالنسبة لأوروبا، لافتة إلى ضرورة مواجهة النفوذ المتزايد لكل من الصين وروسيا في المنطقة، مع العمل على تعزيز مبادرات التعاون المتوسطي من أجل دعم الأمن الطاقي الأوروبي وإدارة ملف الهجرة، مسجلة في هذا الإطار أن الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزما بحقوق الإنسان وسيادة القانون في جميع اتفاقيات الهجرة التي سيبرمها مع دول ثالثة.
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال ياسين أعليا، خبير اقتصادي، إن “المغرب تربطه علاقات متميزة مع دول الاتحاد الأوروبي، سواء في الإطار متعدد الأطراف أو الإطار الثنائي، خاصة فرنسا وإسبانيا، وبالتالي فإن توجه هذا التكتل إلى توقيع اتفاقية شراكة شاملة مع المملكة هو تحصيل حاصل ويمثل شكلا من أشكال الاندماج الاقتصادي مع المغرب”.
وأوضح الخبير الاقتصادي ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “هناك رغبة لدى الاتحاد الأوروبي للارتقاء بشراكته مع المغرب وبنائها على أسس جديدة، خاصة بعد أن أصبحت الرباط من الدول القليلة المستقرة سياسيا في المنطقة، وهي الأقرب في توجهاتها الاقتصادية إلى أوروبا بحكم سياستها الليبرالية المنفتحة على مختلف الأسواق العالمية. أضف إلى ذلك أن معظم البنية الإنتاجية المغربية مرتبطة هي الأخرى بأوروبا”.
في المقابل، شدد المتحدث ذاته أن “الرباط ستتفاوض مع الاتحاد الأوروبي في إطار إبرام هذه الاتفاقية انطلاقا من محددات ثابتة وضحتها المملكة للعالم بشكل لا لبس فيه، أولها ضرورة شمول أي اتفاقية كامل التراب الوطني، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، مع حث بروكسل على ضبط مؤسساتها وضمان احترامها الكامل لطبيعة الاتفاقية والشراكة مع المغرب بعيدا عن منطق الابتزاز الذي تمارسه مؤسسات القضاء الأوروبي، على سبيل المثال، تجاه المملكة”.
وأكد أن “المملكة المغربية لن تقبل الدخول في أي شراكات تعاقدية أو اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي لا تحترم سيادتها الكاملة على أراضيها الوطنية ولا تضمن اعتراف بروكسل بهذه السيادة، فقد كان المغرب حازما في هذا الإطار إبان الموقف الذي عبر عنه بعد قرارات محكمة العدل الأوروبية الأخيرة، التي اعتبرها انحيازا سياسيا وأكد عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية الكاملة”.
أما بخصوص موقع ملف الهجرة في أي اتفاقية أوروبية مغربية، فقال خالد مونة، باحث في قضايا الهجرة، إن “مقاربة الاتحاد الأوروبي في مجال الهجرة هي دائما مقاربة مبنية على ما هو أمني، أي تدبير الحدود وتعزيز مراقبتها وترحيل المهاجرين غير النظاميين، والاتحاد يركز على هذه النقاط في جميع الاتفاقيات التي يبرمها مع دول ثالثة”.
وأوضح المتحدث لهسبريس أن “بروكسل ترى أن مدينتي سبتة ومليلية المحلتين تمثلان حدودها البرية مع المملكة المغربية إلى جانب الحدود البحرية، وبالتالي فهي ستسعى إلى أن تشمل أي اتفاقية هذا المعطى”، مؤكدا أن “المغرب أصبح بحكم الواقع دركي أوروبا، على الرغم من أن مراقبته لحدوده تأتي في إطار السيادة الوطنية”.
وشدد مونة على أن “المقاربة الأمنية هي المهيمنة في الاتفاقيات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع الدول المجاورة، خاصة ما يتعلق بالشق المتعلق بتدبير ملف الهجرة، حيث تكون في الغالب هذه الاتفاقيات شاملة لمجموعة من المجالات”، مشيرا إلى أن “هذا التكتل الأوروبي سيتجه في إطار اتفاقه مع المغرب حول هذا الملف إلى تقديم دعم اقتصادي للمغرب لتنفيذ بعض المشاريع لتشغيل الشباب المرشح للهجرة مقابل مواصلة الرباط ضبط الحدود”.
وخلص الباحث في قضايا الهجرة إلى أن “بروكسل ترى أن تعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي للمغرب هو الإطار الأمثل الذي يوفر للمملكة إمكانيات أكبر لمراقبة الحدود، دون أن ننسى أن أي اتفاق بين الطرفين سيستحضر كون المغرب بلد الانطلاق والعبور في الوقت نفسه بالنسبة للمهاجرين غير النظاميين”، معتبرا أن “الاتحاد الأوروبي يعي جيدا أسباب الهجرة القادمة من إفريقيا، المتمثلة في الهشاشة الاقتصادية، لكنه يفضل معالجة هذا الملف بنظرة أمنية دائما”.
0 تعليق