عرفت المصالح الصحية للمملكة تعطيلا على مدى أمس واليوم، وذلك جراء تنظيم التنسيق النقابي بالقطاع الصحي إضرابا شاملا بكل من المستشفيات العمومية والمصالح الصحية، ما عدا أقسام المستعجلات والإنعاش على الصعيد الوطني.
وأكدت مصادر نقابية أن الإضراب كان “ناجحا” وعرف مشاركة مكثفة تفوق 90 في المائة، وذلك نظرا لالتفاف جميع المهنيين حول الأسباب التي أعادت الاحتقان للقطاع.
مشاركة تفوق 95 في المائة
في هذا الإطار قال حبيب كروم، عضو المكتب الوطني للمنظمة الديمقراطية للصحة، عضو التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة، إن “الإضراب كان ناجحا بجميع أقاليم وجهات المملكة، إذ تجاوزت نسبة المشاركة 95 في المائة في جميع المؤسسات الصحية”، مؤكدا ضمن تصريح لهسبريس أن ذلك يعود إلى أن “هناك إجماعا بشأن القضايا التي أثير من أجلها هذا الإضراب من قبل جميع نساء ورجال الصحة بجميع فئاتهم، من ممرضين وأطباء وإداريين”.
ونبه كروم إلى أن “كل الجسم الطبي والتمريضي والإداري يلتف حول معالجة هذه الإشكالية، سواء تعلق الأمر بمركزية الأجور أو الحفاظ على صفة موظف عمومي بشكل عام؛ مع الحفاظ على جميع المكتسبات التي كان يتمتع بها رجال ونساء الصحة قبل هذا الإصلاح الجذري”.
وأكد النقابي ذاته أن “جميع الفرقاء الاجتماعيين ينتظرون حلا لهذا المشكل الذي أثار حفيظة جميع نساء ورجال الصحة”، مردفا: “نتمنى من السيد الوزير الجديد أن يوفق في هذه المهام، وخاصة في تدبير الملف المطلبي للشغيلة الصحية”.
وتابع المتحدث نفسه: “الصحة قطاع حيوي تعطل خدماته يضر بمصالح المواطنين المغاربة، خاصة منهم المرضى الذين يتنقلون في ظروف صعبة”.
من جانبه قال حمزة إبراهيمي، عضو التنسيق النقابي الجهوي بجهة طنجة تطوان الحسيمة، إن “الإضراب الوطني بقطاع الصحة يومي 07 و08 نونبر عرف مشاركة واسعة ومكثفة على امتداد التراب الوطني، وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على حجم الاحتقان السائد في القطاع، وإحساس الأطر الصحية بالغبن والسخط”.
أسباب الإضراب
ذكر إبراهيمي، ضمن تصريح لهسبريس، بأسباب الإضراب، متحدثا عما أسماه “تنصل الحكومة ووزارة الصحة والحماية الاجتماعية من تنفيذ مضامين محضر اتفاق 23 يوليوز 2024 الموقع بين التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة والوزارة الوصية، بأمر وتكليف من رئيس الحكومة”، وزاد: “سجلنا توقف مسار تنزيل الاتفاق بشكل غريب وغير مفهوم رغم أن أول الملفات التي كانت موضوعة على الطاولة ملف الموارد البشرية، لكن قابله تعامل غير مفهوم من طرف وزير الصحة والحماية الاجتماعية، وهو ما يمكن اعتباره إشارة سلبية بالقطاع”.
واعتبر النقابي ذاته أن “مشروع قانون المالية لسنة 2025 تضمن مساسا خطيرا بالاستقرار المهني وصفة الموظف العمومي ومركزية الأجور، التي تعتبر من المكتسبات التاريخية التي ناضل من أجلها وحافظ عليها مهنيو الصحة داخل النظام الأساسي للوظيفة العمومية لأزيد من سبعة عقود”، مؤكدا أن “هذا التراجع يمس الثقة بين الحكومة والشغيلة الصحية، ويفتح الطريق لمن يدعي أن القطاع العام فعلا مستهدف، ما بدأ باستهداف المكتسبات الاعتبارية لموظفي الصحة”.
وتابع المتحدث نفسه: “المس بالحقوق الوظيفية وبالوضعية المالية خط أحمر، لهذا فإننا في التنسيق النقابي الصحي نطالب الحكومة بالوفاء بالتزاماتها المتضمنة في اتفاق 23 يوليوز 2024، ونرفض كل أشكال المراوغة والتنصل من الالتزامات، وعلى الخصوص الحفاظ على صفة موظف، ومركزية المناصب المالية والأجور، التي تقتضي من الحكومة البحث عن حلول قانونية ملائمة، وإن اقتضى الأمر القيام بالتعديلات التشريعية اللازمة”.
اعتذار للمواطنين
على صعيد آخر قدم إبراهيمي اعتذارا نيابة عن التنسيق لكافة المواطنين والمواطنات ومرتفقي المؤسسات الصحية الاستشفائية والوقائية “جراء تعثر فحوصاتهم ومواعيدهم”، مؤكدا أن “الأطر الصحية دفعت باستئناف برنامجها النضالي في إطار التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة بفعل نكوص الحكومة وعدم تجاوبها مع تحذيرات ورسائل التنسيق النقابي بخصوص تنفيذ محضر اتفاق 23 يوليوز، وحذف بعض المضامين التي تضمنها مشروع قانون المالية المعروض أمام البرلمان”.
وتابع الفاعل النقابي عينه: “نعتبر مضامين محضر اتفاق 23 يوليوز الذي توج الملحمة النضالية التاريخية لمهنيي الصحة على امتداد سبعة أشهر، وأشواط متعددة وطويلة من جلسات الحوار الاجتماعي القطاعي على امتداد سنتين، بجميع بنوده ذات الأثر المالي والإداري الاعتباري والقانوني،، مرتكزا أساسيا وقاعدة محورية يمكن أن ينطلق منها أي إصلاح داخل القطاع الصحي”.
كما أكد إبراهيمي أن التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة “سيواصل نضالاته المشروعة، مع تحمل جميع مسؤولياته التاريخية، ويحمل كذلك المسؤولية الكاملة للحكومة، ويعلن للرأي العام الوطني أنه في حالة عدم تجاوب الحكومة مع المطالب العادلة والمشروعة لمهنيي الصحة سيكون التصعيد هو الحل الوحيد والأوحد، وذلك باتخاذ خطوات نضالية غير مسبوقة”.
0 تعليق