خريجو كليات الذكاء الاصطناعي.. بضائعة رائجة تبحث عن "السوق"

0 تعليق ارسل طباعة

بينما تتسابق الدول نحو مستقبل مشرق مدفوع بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يجد خريجو كليات الذكاء الاصطناعي في مصر أنفسهم عالقون بين الأمل والواقع، وفي زمن يزداد فيه الطلب على مهارات الحوسبة المتقدمة، يواجه هؤلاء الشباب تحديات كبيرة في الاندماج في سوق عمل يشترط الخبرة، ويتطلب المهارات العملية أكثر من المعرفة النظرية.

تكشف قصص خريجين عن إصرار وعزيمة عند هؤلاء الخريجين بداية من السعي لإيجاد مكان لهم في عالم متغير، رغم الضغوط والمصاعب، مع غياب الدعم الكافي والتدريب المناسب، ليخلق سؤال “كيف يمكن لهؤلاء الخريجين أن يحولوا طموحاتهم إلى واقع ملموس في وطنهم؟”.

بحسب تصريحات الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي،أمس، الإثنين، فإن مصر بها 96 كلية للذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسب الآلي في التعليم الحكومي والأهلي والخاص، في إطار 115 جامعة، مؤكدًا أن عدد الطلاب الذين يدرسون في هذه المجالات 110 آلاف طالب وطالبة وتم زيادة هذا العدد هذا العام بنسبة 40%.

د. أيمن عاشور
د. أيمن عاشور

عبدالرحمن: فرص العمل في مصر محدودة 

المهندس عبدالرحمن كمال، أحد خريجي كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة كفر الشيخ، كشف طبيعة التدريبات والتخصصات المتاحة في مجاله، موضحا تنوعا بين عدة فروع رئيسية مثل الذكاء الاصطناعي للحوسبة، الروبوتات، وتطبيقات الحوسبة المرتبطة بتعلم الآلة، مضيفا أن لكل من هذه التخصصات نطاق خاص في سوق العمل وتدريبات معينة، حيث تختلف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في كل مجال بحسب متطلباته الوظيفية.

قال كمال، في حديثه مع "الدستور"، إن تخصصه يتركز في علوم الحوسبة المتقدمة، ويمتلك معرفة في تخصصات أخرى كذلك، مشيرًا إلى أن كلًا من هذه المجالات يتمتع بفرص مهنية معينة؛ إذ تُستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي المرتبطة بتعلم الآلة في قطاعات مثل الصحة والمراقبة، وهي الأكثر طلبًا في الوظائف التي تتطلب تفاعلًا مباشرًا مع البشر، مضيفًا: "تطبيقات الروبوتات تستخدم بشكل واسع في مجالات مرتبطة بتكنولوجيا الطرق والمراقبة من خلال التعرف على الوجوه والتحليلات المتقدمة، كما أن التنبؤات بالاتجاهات المستقبلية للشركات تعتمد أيضًا على الذكاء الاصطناعي، ما يزيد من احتياجات الشركات لهذا النوع من التخصص".

م. عبدالرحمن كمال
م. عبدالرحمن كمال

أضاف أنه حتى الآن لم يجد مكانا للعمل، لأن متطلبات العمل تحتاج إلى خبرات لا تقل عن 3 سنوات، كما أن الدراسة بعيدة تمامًا عن سوق العمل، رغم أنها كانت أول كلية في الشرق الأوسط في هذا المجال، مشيرًا إلى أنه كان ضمن أول دفعة تتخرج من تلك الكلية، ولم يكن هناك أي توجيه لكيفية شق طريق الطالب في سوق العمل، لذا لم ينجح في تحديد مساره الصحيح إلا بعد التخرج، من خلال عدد من التدريبات، مشيرًا إلى أن هناك شح كبير في عدد وظائف التي تطلب خريجي الذكاء الاصطناعي.

وعن آفاق العمل خارج مصر، أكد عبدالرحمن كمال أن خريجي الذكاء الاصطناعي يملكون فرصًا مميزة للسفر والعمل في الخارج، لكن الرغبة تظل لدى العديد منهم في إثبات ذاتهم وتحقيق إنجازات في مصر، قائلًا: "فرصة السفر دائمًا مطروحة، لكن طموحنا يتمثل في بدء مسيرة مهنية ناجحة هنا في مصر وتقديم شيء ملموس لبلدنا".

أحمد: يجب الاهتمام بخريجي الأقاليم بشكل أكبر

انتقلنا بعد ذلك إلى المهندس أحمد زكي، خريج كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة كفر الشيخ، الذي تحدث عن التحديات التي واجهها بعد التخرج وكيف تمكن من تجاوزها، موضحًا أن الفجوة بين التعليم الأكاديمي ومتطلبات سوق العمل كانت واضحة، حيث قال: "كان سوق العمل بحاجة إلى خبرة، وهذا لم يكن متوفرًا لدينا، لذا بدأنا من نقطة الصفر تقريبًا بعد التخرج"، لافتًا إلى أنه رغم خروجه من الكلية، لم يكن لديه فكرة واضحة عن الشركات ومتطلبات السوق، مما جعله يواجه صعوبة في العثور على وظيفة.

أكد زكي، في حديثه مع "الدستور"، أنه في البداية ركز على تحسين سيرته الذاتية، معتبرًا أن ذلك أمر بالغ الأهمية، موضحًا: "احنا ما بنبقاش مدركين أهميته، لأن الشركات تعتمد على السيرة الذاتية كخطوة أولى في قبول الطلبات"، ومن ثم، بدأ في البحث عن فرص التدريب عبر الإنترنت، حيث كانت معظم الوظائف المتاحة تتطلب خبرة مسبقة.

أشار إلى أنه حصل على تدريب داخلي في شركة إجادة للبرمجيات والتسويق الإلكتروني، التي أنشأت فرعا حديثا لها في مصر، مؤكدًا أن التدريب أتاح له فرصة التعلم والتطور في مجاله، رغم التحديات التي واجهها كخريج حديث، كما تحدث عن الوضع العام للخريجين في كليته، مشيرًا إلى أن الخريجين من جامعات الأقاليم يواجهون صعوبات إضافية في سوق العمل مقارنة بخريجي الجامعات الكبرى في القاهرة وعين شمس، حيث يتمتع هؤلاء بفرص أكبر للتواصل مع الشركات، قائلًا: "الطلبة في القاهرة عندهم الأفضلية في الفرص والتعليم، لأنهم بيعرفوا الشركات ومتطلباتها، بينما احنا كنا بنخرج من الكلية بدون معرفة كافية".

م. أحمد زكي
م. أحمد زكي

وعن الدعم الذي تقدمه الدولة للخريجين، أشار إلى أن الأمور صعبة جدًا، خاصة أن الجامعة لم تقدم الدعم الكافي خلال فترة الدراسة، مضيفًا: "لم يكن لدينا المعلومات اللازمة عن الشركات أو المتطلبات، ما جعلنا نبدأ من الصفر"، داعيًا إلى ضرورة تقديم دعم وتدريبات تؤهل الخريجين لدخول سوق العمل، مشددًا على أهمية تحسين مستوى التعليم والتدريب في كليات الذكاء الاصطناعي لضمان نجاح الطلاب في المستقبل.

وأوضح أن هناك العديد من المبادرات التابعة للدولة توفر فرص جيدة للتدريب مثل مبادرة مصر الرقمية، إلا أنها غير كافية لسوق العمل الذي يتطلب متخصصين لا تقل خبرتهم عن 3 سنوات، مشيرًا إلى أنه وأصدقائه يحاولون توعية الجيل الجديد من الطلبة إلى مسار التدريبات التي تؤهلهم لسوق العمل حتى لا يبدأوا من الصفر مثلما حدث مع الدفعات الأقدم، لكن بنصائحهم سيبدأون في التدريب في السنوات الأولى من الكلية لا الانتظار لحين الانتهاء من سنوات الكلية. 

نقابة التكنولوجيين: الذكاء الاصطناعي يواجه تحديات في سوق العمل 

حديثنا في النهاية كان مع المهندس حسن عبد الصادق، رئيس اتحاد شباب التكنولوجيين، الذي أوضح أنه فيما يخص سوق العمل، فإنن المؤسسات الحكومية في مصر ما زالت غير مستعدة بشكل كافٍ لاستيعاب خريجي كليات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع، رغم بعض الجهود القليلة من وزارة الاتصالات وبعض القطاعات العسكرية في إدماج تخصصات الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك، لا يُعتبر هذا انفتاحًا شاملًا لسوق العمل أمام الخريجين، إذ ما زال هناك نقص في الطلب الرسمي والحكومي على خريجي تخصصات الذكاء الاصطناعي والمعلومات.

أضاف عبد الصادق في حديثه مع "الدستور"، أن معظم خريجي الذكاء الاصطناعي وحاسبات والمعلومات يعتمدون على العمل الحر عبر الإنترنت أو ينخرطون في تصميم التطبيقات، ولغات البرمجة، وتطوير المحتوى الإلكتروني، وذلك لتوافر فرص في هذه المجالات تعود بعائد مالي مجزٍ بالعملة الصعبة، لافتًا إلى أن العمل الحر يُعد الخيار الأنسب للخريجين في الوقت الحالي، نظرًا إلى غياب أقسام متخصصة في الذكاء الاصطناعي داخل معظم مؤسسات القطاع الخاص.

م. حسن عبدالصادق
م. حسن عبدالصادق
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق